كيف يمكن تحديد إذا ما تمّ الاعتداء جنسيًا على الطّفل؟
في معظم حالات لا يتمّ الاعتداء الجنسيّ على الأطفال بتفعيل القوة، وبالتالي فهو لا يترك أي علامات ظاهرة. الكشف الكلامي من قبل الضحيّة، بشكل صريح أو مرمّز، هو الطريقة المؤكّدة لمعرفة ما حدث. ولكن هناك عدّة علامات محتملة للتحديد، بعضها جسديّ وغالبيتها سلوكيّ:
علامات جسدية:
- صعوبات في المشي أو الجلوس.
- ملابس ممزقة أو ملطخة بالدماء.
- شكاوى من ألم أو تهيّج في العضو التناسليّ. (حالة شائعة أيضا عند الفتيات الصغيرات اللواتي لم يتعرّضن للاعتداء الجنسيّ، ولهذا، بالطبع، يجب سؤال الفتاة حول ما حدث).
- تلوّث أو نزيف أو متكرر في العضو التناسليّ أو في المسالك البولية (مرة أخرى، هناك أيضا ضحايا من الذكور).
- أمراض المنقولة جنسيًا.
- الحمل، وخاصة في مرحلة المراهقة المبكرة.
- الرجوع إلى سلس البول / الاتساخ بعد الفطام والإمساك.
- التقيؤات [3].
علامات سلوكيّة
التغيرات السلوكية الحادّة عند الطفل أو الطفلة. يجب الانتباه إلى التغيرات، وإذا لزم الأمر، التشاور مع الأخصائيّين أو التوجّه إلى خطوط المساعدة التي يمكنها أن تساهم في فك رموز العلامات. التغيرات السلوكيّة تشمل:
اضطرابات النوم، الكوابيس، الانغلاق، تجنب بعض الأشخاص، نوبات الغضب، السلوك الارتدادي (سلس البول، مص الإبهام، الحديث الطفوليّ وما إلى ذلك)، التراجع الكبير في التعليم، السلوك الجنسي غير المعياري، الاكتئاب، الاهتمام المفرط أو المعرفة الواسعة في مواضيع متعلقة بالجنس (في الرسم أو الأفعال أو الكتابة)، استخدام مصطلحات جنسيّة غير مناسبة للمرحلة العمريّة، إظهار السلوك الجنسي الشاذ تجاه الأطفال الآخرين، والذي ينبع في الأساس من الغضب، العدوانيّة أو السيطرة، الاعتداء الجنسيّ على الأطفال الآخرين (الفضول الجنسيّ هو بالطبع شيء طبيعي يحتاج إلى معالجة تربوية وتوضيح ما هو مسموح وغير مسموح به. القصد هو الحالات التي يكون فيها اهتمام مفرط، أو أفعال غير متوافقة مع السن) الاستمناء الإكراهيّ، محاولات الانتحار، العزلة، الاغتراب والانفصال الاجتماعيّ.
هذه العلامات لا تشير بالضرورة إلى الاعتداء الجنسيّ، ولكنّها تشكّل علامات تحذير لتغيّر حالة الطفل العاطفية والذي قد يكون نابعًا في بعض الأحيان من الاعتداء الجنسيّ.
عندما يلاحظ الأهل / المعالجون تغييرًا في السلوك، من المفضّل أن يحاولوا فحص أسباب التغيير مع الطفل. في كلّ حالة يكون فيها اشتباه أو يتبيّن فيها وقوع اعتداء جنسيّ يجب التشاور مع عنصر مهنيّ في المجتمع مثل أخصائي اجتماعيّ لقانون أبناء الشبيبة أو مركز الحماية.
لمَ معالجة طفل اعتُدي عليه في أسرع وقت مسألة مهمّة؟
كلّما سارعنا في معالجة الطفل، كان احتمال التأثير صعبًا على المدى القصير، وأقلّ على المدى الطويل. قد تقع عند الاطفال المعتدى عليهم جنسيًا أضرار نفسيّة وجسديّة وإدراكيّة واجتماعيّة. كما وقد تتضرر رؤيتهم الأساسية وكرامتهم كبشر، ثقتهم في الحياة، القدرة على الحب ومواصلة الإيمان في البشر. تُظهر الدراسات أيضا أن التنكيل بالأطفال يشكّل خطر تطوّر اضطرابات ومشاكل نفسية في سن مبكرة وفي مرحلة البلوغ المتأخرة. عندما لا تتم معالجة الصدمات النفسية، يضطرّ الأطفال المعتدى عليهم استثمار طاقاتهم في التكتّم (انظروا أدناه: معنى التكتّم على الاعتداء)، ممّا قد يؤدي إلى: الاكتئاب والقلق.
- صعوبة منح الثقة وتطوير العلاقات الحميمة والاجتماعيّة لاحقًا.
- الارتباك والقلق فيما يتعلّق بالميول الجنسيّة.
- صعوبات في الحياة الزوجيّة مستقبلاً.
- زيادة خطورة التعرض لحالات اعتداءات جنسيّة أخرى.
- السلوك الإكراهيّ والإدمان، الاكتئاب، اضطرابات الأكل، العزلة الاجتماعية.
- أفكار انتحاريّة والتورّط في حالات تعريض الذات لخطر (هناك نسبة عالية من محاولات الانتحار بين ضحايا الاعتداء الجنسيّ).
- الإحساس بالمساس بالهوية الجنسية.
- أسئلة تتعلق بالإيمان، الإحساس بالخطيئة والنجاسة.
- الاعتداء الجنسي يؤثر على عالم الولد / البنت، الفتى / الفتاة، وخصوصًا عندما يقع الاعتداء من قبل شخص قريب.
في غياب موارد الدعم، قد يطول الرّد على أزمة الضحية لفترة طويلة.
تعتمد قدرة الطفل على مجابهة آثار الاعتداء، على المدى الطويل، على أربعة عوامل رئيسيّة:
خصائص الاعتداء نفسه: نوع أو دمج أنواع من الاعتداء يتعرّض لها الطفل، درجة الإزمان، طريقة تواصل وخطورة الاعتداء.
المرحلة العمريّة لبداية الاعتداء ونهايته، العلاقة مع المعتدي، واستخدام القوّة أو التهديد..
وجود ضغوطات من بيئة الأسرة والحيّ.
خصائص الطفل ومهارات المواجهة الشخصية عنده.
من المهم أن نتذكّر:
- الشعور بأن الحديث حول فعل محظور أو سلبيّ قد يثار في سن مبكرة، ولكنّه أحيانًا يثار في سن متأخرة لأن العلاقة الجنسية قد يتمّ تحديدها من قبل المعتدي كعلاقة معياريّة – كنوع من “الثقافة الجنسية”، “الحقّ الوالديّ” أو “جزء من قوانين المنزل”. معظم حالات الاعتداء الجنسيّ تقع من دون استخدام القوة، وبالتالي فإن تبليغ الطفل عنها لا يكون منوطًا دائما بالكشف عن مشاعر صعبة.
- سفاح المحارم من خلال إقامة العلاقات الجنسيّة الكاملة عادة ما لا تكون الفعل الأول، وإنّما تكون هناك في البداية أفعال خادشة تتدهور مع الوقت إلى الاستغلال الكامل.
- • كما ذكرنا، ما يقرب من نصف ضحايا الاعتداء الجنسيّ هم من البنين. وينبغي معرفة أن البنين المعتدى عليهم هم ذوو قدرة أقلّ واستعداد أقل للحديث عن هذا الاعتداء.
معنى التكتّم على الاعتداء
غالبا ما يقع الاعتداء الجنسيّ في السرّ. في معظم الحالات، يُحذّر الطفل بعدم مشاركة السرّ مع شخص آخر، ويخاف هو بدوره أو يخجل من أن يفصح عن السرّ الفظيع لأحد. يقوم المعتدي بتهديده إذا كشف عن الأمر، وأنّه سيتضرر هو أو أحد أفراد عائلته. هناك أيضًا حالات يعد فيها المعتدي الطفل بأنّ “تسير الأمور على ما يرام” إذا لم يحك شيئًا أو أنّ الطفل يخاف بأن لا يصدّقه أحد أو حتّى أنّه سيعاقب على دوره. يتضح أيضًا أن أطفالا عديدين يشعرون بالذنب على مشاركتهم الفعالة أو الخاملة في عمليّة التنكيل. أحيانًا، ينشأ إحساس كهذا لأنّ المعتدي يقول للطفل أنّه فعل ذلك بسببه. عندما لا يستجيب الكبار من حول الطفل لكلامه، أو يستجيبون لصعوبة محاولة الطفل في التعبير بشكل غير سليم، فقد يؤدي الأمر إلى تعزيز التكتم وإنكار الأمر. من هنا فإنّ هناك معنى كبيرًا لردّ فعل الأشخاص المهمّين في حياة الطفل على الكشف. أحيانًا يكون ردّ الفعل أهمّ بكثير من الاعتداء نفسه. عندما يكون هناك رد فعل داعم من قبل المنظومة الاجتماعيّة التي تحيط بالطفل، ومناسب ومتسق، فإنّ احتمالات مجابهة الاعتداء تزداد بشكل ملحوظ.
وفقًا لدراسات عديدة، يميل صغار السن إلى الكشف عن الاعتداء لأفراد العائلة، ويميل الأكبر سنًا إلى الكشف لأفراد العائلة وللأقران (الأصدقاء والصديقات). كذلك، أظهرت دراسات عديدة أنّ الضحايا يميلون إلى البحث عن الشخصية السليمة بشكل مكثّف، ليرووا لها قصتهم، شخصية مصغية، تشجّع ولا تحكم.
قد يكون الضرر الحاصل جراء استمرار التكتّم أسوأ من ذلك بسبب تزايد الأزمة التي يتواجد فيها الطفل الذي يشعر بأنّه لا يتلقّى الدعم ولا أحد يفهمه أو يصدّقه، ولأن الاعتداء قد يتكرر ويتواصل لفترة أطول. مواصلة التكتّم تحول دون تلقّي الضحية العلاج وقد تؤدّي إلى اتساع دائرة الاعتداء بتكرار المعتدي الاعتداء على أطفال آخرين من نفس العائلة أو آخرين. من هنا فإنّ هناك أهمية كبيرة في الكشف عن السرّ.
[3] للتوسع في الموضوع طالعوا ما كتبته حانيتا تسيمرين في مقالتها في مجلة “أهل وأطفال”http://horim.allmag.co.il/page/10805، يمكن للأخصائيين الاطلاع على كتاب شموئيل غولدشتاين، كسر الصمت، الكشف عن الأطفال وأبناء الشبيبة ضحايا التنكيل والإهمال في الخدمات الصحيّة والمجتمع، وزارة الصحة وجمعية أشليم، 2005.